الحوار السياسي وبناء التوافقات
إذا كانت العملية السياسة مرتبطة بإدارة المصالح المشتركة، و”التخصيص السلطوي للقيم” داخل المجتمع،[i] فمن البديهي أن يكون الحوار بين أصحاب الرؤى والمصالح المتباينة أو المتصارعة هو إحدى الأدوات الأساسية للممارسة السياسية، ولذلك، فإن الحوار السياسي ليس فقط حوارا يتحدث فيه السياسيون إلى بعضهم البعض، بل هو عملية تفاعل بناء بين صناع القرار والأطراف والهيئات المعنية بهدف إحداث تغيرات ذات مغزى في العملية السياسية، والعمل على توفير بيئة يستطيع خلالها المختلفون أن يتبادلوا الرؤى بانفتاح، مما يساعدهم على إزالة أسباب الخلاف، والعمل نحو فهم مشترك لماهية المشاكل التي يواجهونها، وما يجب عليهم القيام به لمعالجتها، بما قد ينعكس إيجابيا في النهاية على الطريقة التي ينظرون بها ويتعاملون بها بعضهم مع بعض.[ii]
وقد زادت أهمية الحوار في العملية السياسية مع هيمنة التوجهات الديمقراطية الليبرالية على الثقافة السياسية، وهي التي تنطلق من قيم التعددية والاستيعابية، وتعلي من المقاربات السلمية لحل النزاعات. لكن الثقافة السياسية الداعمة هي فقط إحدى مرتكزات فاعلية الحوار السياسي، إذ يتطلب الأمر توافر شروطٍ أخرى، بعضها يرتبط بنضج المؤسسات السياسية، وكفاءة النخب والقيادات المجتمعية، وبعضها تقني، يتعلق بالمنهجيات والأساليب والأدوات التي تسهل تنظيم وإدارة عملية الحوار،[iii] وفي ضوء ذلك، تحاول هذه الورقة أن تجمل أهم الأسس والقواعد التي توصلت لها الأدبيات الأكاديمية لفهم ديناميكيات الحوار السياسي، وسياقاته، وما هي الترتيبات اللازمة لإدارته بفاعلية، ومتى وكيف يمكن أن تتحقق التوافقات السياسية.
أولا: الإطار المفاهيمي
كما أنه لا يوجد تعريف أو تصور أحادي أو بسيط للسياسة، فإن عملية الحوار السياسي تتباين تبعا لتباين التصورات بشأن الظاهرة السياسية ذاتها، فكما يذكر لورانس برلين Lawrence Berlin وأنيتا فيتزر Anita Fetzer يمكن تصور السياسة كخط متصل في إحدى نهايتيه تكون السياسة عملية تشاركية تفاعلية Politics as Interaction، وعلى الطرف الآخر، تكون السياسة عملية إخضاع وهيمنة Politics as Imposition. وتبعا لذلك، يمكن تصور الحوار السياسي كفعل تشاركي يهدف إلى توصيل رؤية يتداول حولها المستمعون، وأداة يمكن من خلالها تبادل الأفكار لتحقيق خطة عمل مشتركة، وفي الجهة الأخرى، قد يكون الحوار السياسي إملائيا في اتجاه واحد، يتحكم فيه الطرف المهيمن، ويسير وفق المسارات التي يحددها هو.[iv]
كذلك، قد ينظر للظاهرة السياسية بصورة مؤسسية رسمية، فينحصر حينها الحوار السياسي في هذه الصيغة، ليكون ذلك الحوار الذي يُنظّم من قبل المؤسسات الرسمية، الحكومية أو غير الحكومية، ويجري في أروقتها، وحول الموضوعات التي تتضمنها أجندة العمل التي تحددها، وقد يُنظر للظاهرة السياسية بأنها أكثر اتصالا بالمجال العام، وشمولا لما هو رسمي وغير رسمي من الكيانات والممارسات، وحينها يتسع مفهوم الحوار السياسي ليشمل كافة النقاشات والمداولات المؤسسية وغير المؤسسية التي ترتبط بالشأن العام.[v]
وترتبط عملية الحوار السياسي بشكل ضمني أو صريح بعملية التفاوض، ويمكن تعريف المفاوضات أنها عملية اتخاذ قرار مشترك، والتوصل إلى تسوية محل اتفاق، انطلاقا من مواقف متضاربة، وذلك وفق قاعدة اتخاذ القرار بالإجماع. وتعد التفاوضات ممارسة تواصلية، تتضمن بيانات ومطالبات ووعودا مشروطة للوصول إلى أفعالٍ محددة، ويتراوح هذا التواصل من المقايضات المباشرة وجهاً لوجه إلى المساومات الضمنية. كما قد تتم التسويات عبر حدوث تنازلات متبادلة حول نفس القضية محل التفاوض، أو التعويض والمقايضة بين قضية وأخرى، أو إعادة تأطير الموضوع محل النزاع بشكل جديد يحقق مصالح كلا الطرفين.[vi]
وتشتمل الحوارات السياسية المؤسسية على ممارسات متعددة، كالحوارات بين الأحزاب السياسية، والتي قد تهدف إلى تنسيق المواقف السياسية، أو الدخول في تحالفات انتخابية، أو التغلب على الخلافات والاستقطابات السياسية، كما تشتمل على الحوارات بين المؤسسات الوسيطة من نقابات أو اتحادات عمالية ومنظمات المجتمع المدني مع الهيئات الحكومية (التنفيذية أو التشريعية) من أجل المشاركة في رسم السياسات العامة، وفي حالات الأزمات، قد تنخرط المؤسسات السياسية (الحكومية وغير الحكومية) في حوارات موسعة وممتدة وتدور حول قضايا جوهرية محل نزاع، فيما يسمى بالحوارات الوطنيةNational Dialogues .
وتُعرّف الحوارات الوطنية بأنها عمليات سياسية تُنظم من قبل أطراف وطنية، تستهدف توليد توافُق الآراء بين طيفٍ واسع من الهيئات الوطنية المعنية في أوقات الأزمات السياسية الحادة، أو في أوضاع ما بعد الحرب، أو خلال عمليات الانتقال السياسي.[vii] وحسب اختلاف السياقات قد تتباين أهداف إجراء الحوارات الوطنية، فقد يكون لبعضها أهدافٌ ضيقة، تركز على أسباب الأزمة السياسية، ويكون الهدف منها هو إجراء تعديلات دستورية محدودة، أو إصدار بعض القوانين، أو إقرار عدد من السياسات العامة، وقد يكون لبعضها أهدافٌ واسعة النطاق، تشمل الاتفاق على عقد اجتماعي جديد وإعادة تأسيس النظام السياسي برمته.[viii]
هذا النمط الأخير يجري عادة خلال مراحل التحول النظمي Regime Transition، ويتضمن، وفقا لكاتيا باباجياني Katia Papagianni ما يسمى بالتفاوض الانتقالي Transitional Negotiations، إذ عرّفت باباجياني الحوارات الوطنية أنها آليات تفاوضية تهدف إلى توسيع المشاركة في التحولات السياسية إلى ما هو أبعد من النخب السياسية والعسكرية، عن طريق عقد الصفقات على مستوى النخبة بما يتيح اعتبار المصالح المتباينة لهذه النخب في العملية الانتقالية.[ix]
وقد عرّف جييرمو أودونيل Guillermo O’ Donnell وفيليب شميتر Philippe Schmitter العقد Pact The الناتج عن هذه التفاوضات الانتقالية بأنه “اتفاق صريح، ولكنه ليس معلنا دائماً، بين مجموعة مختارة من الجهات الفاعلة التي تسعى إلى تحديد أو إعادة تعريف القواعد التي تحكم ممارسة السلطة في النظام الذي يتم تأسيسه، وذلك وفق الضمانات المتبادلة للمصالح الحيوية لأولئك الذين يدخلون في هذا التعاقد”.[x] في حين حددت تيري كارل Terry Karl لهذا الميثاق التأسيسي ثلاث خصائص تجعله مختلفا عن أي اتفاقات سياسية أخرى: أنه يجب أن يكون شاملا لجميع النخب المؤثرة وذات الصلة؛ أنه يجب أن يكون شاملا، ويغطي القضايا الرئيسية المتعلقة بصنع السياسات مثل شكل الحكومة، والعلاقات المدنية العسكرية، وإدارة السوق، وتوزيع الثروة، ونحوها؛ أن بنوده يجب أن تكون مترابطة ومتشابكة، بحيث يكون كل طرف مطمئنا أن أحدًا لن يهدد مصالحه الحيوية، بينما يمتنع هو عن تهديد مصالح الأطراف الأخرى في المقابل.[xi]
وقد حدد جريتشن كاسبر Gretchen Casper وميشيل تايلور Michelle Taylor لمسار التفاوض الانتقالي ثلاث مراحل متعاقبة:
أولاً. مرحلة الأزمة الحرجة Critical Juncture Stage، حيث تتاح فرصة للتغيير بسبب ضعف يعتري النظام الاستبدادي، لعوامل داخلية أو خارجية مثل الاحتجاجات الجماهيرية، أو أزمة انتقال السلطة، أو الإفلاس الاقتصادي، أو الهزيمة العسكرية.
ثانياً. مرحلة التمايز Sorting Out Stage، حيث تحدد النخب مواقفها وأجنداتها، ويبدأ الجمهور في التفاعل بشكل إيجابي أو سلبي مع المقترحات التي تقدمها هذه النخب المتنافسة، وهو ما ينعكس على مواقفها التفاوضية وموازين القوى الأولية.
ثالثاً. مرحلة إبرام الصفقات Deal Cutting Stage، حيث تقوم كل مجموعة من النخب بتقييم مواقفها ثم تعديل استراتيجياتها ومقترحاتها حسب التغيير في موازين القوى بينها، ويواصل المعارضون والمدافعون عن النظام التفاوض مرة بعد أخرى حتى يتوصلوا في النهاية إلى صفقة مقبولة.[xii]
ثانيا: إدارة عملية الحوار السياسي
غني عن القول إنه لضمان فاعلية الحوارات السياسية، فإن هذه العملية تحتاج إلى تحضير وتخطيط، وتبدأ التحضيرات عادة باختيار الوسطاء الذين لديهم المقدرة والخبرة اللازمة لترتيب الحوار، خصوصا إذا رغبت الأطراف المتحاورة أن تضمن احترافية هذه الحوارات، أو إذا كانت هوة الخلاف والاستقطاب بينها واسعة، واحتاجت عملية الحوار إلى مبادرة من خارج هذه الأطراف المتصارعة. وفي هذه الحالة، تكون المهمة الأساسية للوسطاء هي كسب قبول المتحاورين لهم كجهة تمتاز بالموضوعية والنزاهة، وإقناعهم بأهمية الحوار، إلى الحد الذي يجعلهم ينخرطون فيه بجدية، ويتبنون مخرجاته.[xiii]
وتقليديا، يمكن تقسيم عملية الحوار إلى خمس مراحل، كما يلي:
- المرحل الأولى، استكشاف إمكانيات الحوار، تكون المهمة الأولى للجنة التحضيرية هي إجراء عملية بحث واستكشاف دقيقة، تستهدف تجميع البيانات حول القضايا محل الخلاف، ورسم خارطة بالأطراف المعنية، ومواقفهم المتباينة من هذه القضايا، وما هي المحفزات التي يمكن تقديمها لهذه الأطراف لتشجيعهم على المشاركة، وما هي التحديات التي يجب التغلب عليها، كما تتضمن دراسة وتحليل جهود الحوار والوساطات السابقة، وما أنجزته وما تعثرت به، وما هي الأطراف المحلية أو الدولية التي يمكنها أن تسهم في تيسير ودعم هذا الحوار.[xiv]
علاوة على ذلك، في حالات الأزمات السياسية الحادة، يلزم قبل البدء في عملية الحوار اتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء الثقة بين المتحاورين، والتي تتضمن عادة تعهدات بوقف الأعمال أو التصريحات العدائية، أو الإفراج عن المعتقلين السياسيين، أو اتخاذ تدابير بالعفو المؤقت عن المجموعات المسلحة، أو إتاحة مجال للعمل السياسي والمشاركة الإعلامية للأحزاب المعارضة، ونحوها.[xv]
ويمكن تقرير أن الأجواء ملائمة لعملية الحوار السياسي متى توفرت إرادة سياسية لدى الأطراف المختلفة للتواصل، سواء لشعورهم بأن هناك قضايا هامة عالقة تحتاج إلى أن تعالج، أو أن هناك مكاسب سياسية يمكن تحقيقها عن طريق هذا الحوار، أو لوجود قيادات أو وسطاء لديهم القدرة على كسب ثقة هذه الأطراف، وإقناعها بجدوى الانخراط في هذه العملية، لكن، وفي كثير من الأحوال، قد يبدأ الحوار السياسي وإن لم تتوافر الظروف المثالية لإطلاقه.[xvi]
- المرحلة الثانية، تصميم عملية الحوار، وتتضمن هذه المرحلة قيام الوسطاء بإعداد إطار متوافق عليه لعملية الحوار تشتمل على قائمة المشاركين وآلية اختيارهم، ونطاق وأهداف الحوار، وجدول الأعمال، والإطار الزمني، والهيكل المؤسسي لإدارة الحوار، والقواعد والإجراءات المنظمة للحوار، ومسارات التفاوض والهيئات المساندة، علاوة على الترتيبات اللوجستية.[xvii]
وتمثل عملية اختيار المشاركين إحدى التحديات الأساسية للجان التحضيرية، فهناك عامة اتجاهان في هذا الشأن، الاتجاه الأول هو توسيع دائرة المشاركين، حتى يكون الحوار استيعابيا بقدر المستطاع، لكن هذا الأمر يمكن أن يعقّد عملية الحوار، فكلما زاد عدد المشاركين كلما زادت فرصة أن تشارك أطراف مثيرة للجدل أو ليست محل اتفاق من كافة الأطراف، كما يجعل من عملية الوصول إلى تفاهمات حول النقاط الخلافية مسألة شديدة الصعوبة، ومن جهة أخرى، يكون هناك توجه إلى تقليص عدد المشاركين من أجل ضمان الفاعلية، وسهولة التوافق بين المتحاورين، لكن اقتصار الحوار السياسي على عدد محدود من المشاركين قد يقلل من الأثر المتحقق لمخرجاته، ويجعله حصريا بشكل يضر بشموليته، لذلك يكون لزاما على الهيئات التحضيرية تحقيق التوازن بين شمولية الحوار وفاعليته.[xviii]
ويصبح التحدي أكبر إذا كان الحوار السياسي حوارا وطنيا موسعا، لمعالجة أزمة سياسية حادة، أو للاتفاق على ترتيبات مرحلة انتقالية، حينها لا يلزم فقط الحرص على تمثيل مختلف القوى المجتمعية والسياسية وأصحاب المصالح المعنيين، بل يجب أيضا تحديد الآلية التي يتم بها اختيار هؤلاء الممثلين بما يجعل للحوار الوطني ومخرجاته الأثر المرجو. ويتم انتقاء المشاركين في الحوارات الوطنية عبر عدة آليات، بعضها يعد انتقاءا فوقيا، بأن يتم تعيينهم من قبل اللجنة التحضيرية أو السلطة التنفيذية أو البرلمان، وبعضها يتم عبر الترشيح من الهيئات المشاركة في الحوار ذاتها من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات وممثلي الأقليات العرقية والدينية ونحوها، وأحيانا تشترط اللجنة التحضيرية أن يتم ترشيح المشاركين من هذه الهيئات عبر إجراء انتخابات داخلية، لضمان مشروعية أكبر لهؤلاء الممثلين.[xix]
- المرحلة الثالثة: التدشين الرسمي للحوار، في واقع الأمر، تعتبر عملية الإعداد للحوار السياسي نفسها عملية تفاوض ممتدة، تتضمن حوارات جانبية من أجل الاتفاق على كافة التفاصيل مثل أجندة الحوار، والأعضاء المشاركين، وقواعد وضوابط الحوار، لذلك فإن الوصول إلى هذه المرحلة في حد ذاتها يعد إنجازا، كما أنه يمثل خطوة هامة على طريق تحقيق التوافق السياسي، حيث يوفر الوضوح والشفافية اللازمين للبدء في عملية الحوار، كما يعمل على ضبط التوقعات من الأطراف المختلفة. ومن أجل التأكيد على ما تم الاتفاق عليه، قد يتم الإعلان عن وثيقة الحوار من قبل الوسطاء للجمهور بشكل علني، وقد يُطلب من الأطراف التي قبلت المشاركة في الحوار التوقيع عليه.[xx]
وخلال الإعداد لأجندة الحوار، يجب أن يضمن الوسطاء أن يتم تمثيل كافة النقاط الملحة للأطراف المتحاورة، وقد يكون مفيدا في بعض الحالات اتباع سياسة المرحلية، بمعنى أن يتم ترتيب النقاط المقترحة للحوار على مراحل وفق أولويتها، بحيث يتم البدء بالمسائل الأكثر إلحاحا، كما ينصح بالبدء بالقضايا الأقل إثارة للاختلاف، والتي يمكن تحقيق التوافق حولها سريعا، وتؤجل القضايا الأخرى الأكثر إشكالية لمراحل لاحقة من الحوار،[xxi] أما بخصوص أجندة الحوار الوطني خلال المراحل الانتقالية، فقد حددت بعض أدبيات التحول النظمي ثلاث مسارات متعاقبة – أو من المفترض أن تكون متعاقبة – للقضايا الرئيسية التي يجب أن تتضمنها أجندة الحوار:
أ. اللحظة العسكرية Military Moment، حيث تدور المفاوضات حول الشروط التي بموجبها يمتنع الجيش عن تعطيل عملية الانتقال الديمقراطي، ويتخلى عن مطالبه بالحكم. وتتضمن هذه الشروط عادة تقديم بعض الضمانات لحماية الجنرالات من أي عمل انتقامي، وحماية المصالح الحيوية للمؤسسة العسكرية.
ب. اللحظة السياسية Political Moment، والتي تأتي بعد ضمان عودة الجيش إلى ثكناته، والهدف منها هو وضع ضوابط للمنافسة بين النخب السياسية، والحد من أجندتها السياسية التي قد تضر بمصالح حيوية للأطراف الأخرى، وتقييد مشاركة الأطراف الراديكالية أو المزايدة في صنع السياسات.
جـ. اللحظة الاقتصادية Economic Moment، وهي تأتي آخرا، وتهدف إلى تحقيق التوازن بين ضمانات حقوق الملكية وحرية النشاط الاقتصادي للطبقات الوسطى من جهة، وتحقيق تطلعات الطبقة العاملة في سياسات العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.[xxii]
- المرحلة الرابعة، إجراء الحوار، عند بدء التطبيق الفعلي للحوار، يجب الحرص على أن تكون كافة التفاصيل الخاصة بإجراءات الحوار واضحة لجميع المشاركين، بما يتضمن الأدوار والمسؤوليات، ومسارات الحوار، وقواعده، والمخرجات المتوقعة منه، حتى لا يتسبب الغموض أو الارتباك بشأن هذه الموضوعات إلى صرف الحوار إلى مسائل إجرائية، أو إلى مزيد من التوتر والخلاف بين الأطراف المتحاورة، لكن، على الجانب الآخر، يجب أن يتمتع المسيرون أو الوسطاء بالمرونة التي قد تقتضيها المستجدات لتفادي تعقد عملية الحوار بالمبالغة في التنظيم.[xxiii]
ومن أهم القواعد التي يجب أن تكون واضحة ومحل اتفاق بين المتحاورين هي آلية التوصل إلى القرارات، وما إذا كانت بإجماع المشاركين أو فقط بأغلبية المصوتين، وبطبيعة الحال، يجدر بمديري الحوارات السياسية أن يحرصوا على إقرار المقترحات بإجماع الآراء خصوصا تلك التي تتعلق بالبنود الأساسية والقضايا الخلافية الجوهرية، أما المسائل الإجرائية والقضايا الفرعية فيمكن الاكتفاء فيها بالأغلبية البسيطة.[xxiv]
وبشكل نمطي، تشمل عملية الحوار حول القضايا الإشكالية أربع مراحل متعاقبة: الاستكشاف، والتحليل، والتوافق، والتطبيق، خلال المرحلة الأولى، يتم فتح المجال للمشاركين لعرض آرائهم حول القضية محل النقاش، ووجهات نظرهم المتعلقة بمقترحات الحل الممكنة، ويكون دور الوسطاء في هذه الحالة هي التأكد من استيفاء جميع الآراء عبر متابعة الأسئلة والحرص على تشجيع كافة الأطراف على الانخراط في النقاش، وقد تتم الاستعانة ببعض الخبراء والمختصين في الموضوع محل النزاع خلال هذه المرحلة لاستيضاح بعض المسائل الفنية، ثم بعد الاستكشاف، تبدأ عملية التحليل للآراء والمقترحات التي تم طرحها، ومحاولة تصنيفها، والوقوف على أوجه التشابه والاختلاف بينها، وهو ما يفيد في تأطير القضايا المطروحة بشكل أكثر وضوحا، وتحديد نقاط الخلاف والبدائل المتاحة بصورة أكثر تحديدا، ومن ثم إعادة التداول بهدف تقريب وجهات النظر والوصل إلى نقاط اتفاق، فإذا ما تم التوافق، يكون على ميسري الحوار الخلوص إلى النتائج العملية والتطبيقية لهذا التوافق، ووضعها في دائرة الفعل، ثم الانتقال إلى النقاط التالية على جدول الأعمال، وهكذا.[xxv]
وقد يأخذ مسار الحوار، وفقا لتوصيف كاسبر وتايلور لمسارات التفاوض الانتقالي، ثلاث أنماط مختلفة، حسب استراتيجيات المتحاورين:
أ. مسار الصراع العنيف، حيث يكون لدى النخب المتحاورة خيارات شديدة التباين، ويختار المدافعون عن النظام القائم اتباع استراتيجية التشدد، والإصرار على نهج الفائز يأخذ كل شيء في المفاوضات The winner-take-all approach، وتكون النتيجة في هذه الحالة فشل المفاوضات.
ب. مسار التسوية، حيث يختار المتفاوضون التعاون مع بعضها البعض، لأن رجال النظام القائم يدركون ضعف موقفهم، وأن خيارهم الأفضل هو عقد صفقة مع المنافسين، لذلك يتبعون استراتيجية المرونة أثناء المفاوضات، وعادة ما تكون نتيجة هي إتمام مسار التحول النظمي، لكن بلا ضمانة أكيدة للترسيخ الديمقراطي Democratic Consolidation.
جـ. مسار تفاوضي مكثف، يتميز بصعوبة المفاوضات بسبب التفضيلات المتباينة للنخب المتفاوضة، وتبني استراتيجيات التشدد بشكل يقارب مسار الصراع العنيف، لكن بعد أن يدرك الجميع أنه لا يمكن لأحدهم أن يفرض أجندته على الآخرين بسبب عدم تمتعه بالقوة اللازمة لذلك، تتغير استراتيجيتهم، ويلجئون إلى المرونة والتنازلات المتبادلة. وعادة ما يتمتع هذا المسار بفرصة أفضل للوصول إلى تحول نظمي راسخ، لأن النخب المتنافسة تكون نجحت بالفعل خلال هذه المفاوضات المكثفة في التغلب على جميع نقاط الخلاف.[xxvi]
- المرحلة الخامسة، إغلاق الحوار، يبدأ الوسطاء في التجهيز لإغلاق الحوار السياسي عندما يتمكن المتحاورون من الوصول إلى اتفاقات بشأن القضايا المدرجة على جدول الأعمال، وحينها تؤخذ بعض الترتيبات للحفاظ على مكتسبات الحوار مثل تشكيل لجان متابعة لتطبيق مخرجات الحوار ومنع الأطراف المشاركة من التهرب من تعهداتها، وتحديد آليات لكسر الجمود وتسوية الخلافات التي قد تنتج خلال مرحلة التنفيذ، وقد يتم الاتفاق على ترتيبات لمأسسة الحوار بهدف تدشين مسار مستمر للتواصل بين الأطراف المشاركة إذا تطلب الوضع السياسي ذلك.[xxvii]
أما في حال الحوارات الوطنية، فقد يتم اتخاذ بعض الترتيبات من أجل إضفاء المزيد من القبول والشرعية على مخرجاتها، فعلى سبيل المثال، قد تسعى إدارة الحوار الوطني لإدماج الجماهير للتخفيف من نخبوية الحوار وحصريته، سواء عن طريق تشكيل لجان استماع أو إجراء استطلاعات رأي استكشافية، أو عن طريق تنظيم حملات التوعية الجماهيرية للتعريف بمخرجات الحوار الوطني وأهميتها، وصولا إلى تنظيم الاستفتاءات الرسمية لإكساب هذه المخرجات الصبغة القانونية، كما يتم أحيانا تضمين “مؤسسة الحوار الوطني” ومخرجاتها في المواد الانتقالية للنصوص الدستورية خلال المراحل الانتقالية.
وقد يحدث الإغلاق كذلك في حال تعثر مسار الحوار السياسي، إذ قد يلجأ الوسطاء إلى إنهاء الحوار إذا انهارت العملية نتيجة تفاقم الخلافات أو فقدان الثقة بين الأطراف المتحاورة، أو قد يهدفون بالإغلاق فقط الحصول على فترة من التوقف للتقييم، ومن ثم إعادة التجهيز والتحضير لدورة جديدة أكثر فاعلية من الحوار السياسي.[xxviii]
ثالثا: العوامل المؤثرة على بناء التوافقات السياسية
تنقسم العوامل التي تؤثر على مسار عملية الحوار السياسي ونتائجها إلى نوعين متمايزين: عوامل هيكلية Structural variables وعوامل تتعلق بالفواعل ذاتهم Agential variables وذلك وفق نظرية Structured Contingency أو الاحتماليات المؤطرة هيكليا. وتنص هذه النظرية على أن الخيارات والاستراتيجيات التي تتبعها النخب السياسية خلال عمليات الحوار والتفاوض لا تنبع فقط من تأثير العوامل الهيكلية مثل طبيعة النظام السياسي أو الثقافة السياسية أو موازين القوى بينها، كما أنها لا تخضع فقط للحسابات والقرارات التي تتخذها هذه النخب انطلاقا من خبراتهم ومعارفهم وطبيعتهم الشخصية، بل هي محصلة تفاعل بين كلا النمطين من العوامل، بحيث يكون للنخب كفواعل دورا أساسيا في اتخاذ القرارات السياسية والقبول بالتوافقات، لكن هذا الدور مؤطرٌ بمحددات هيكلية تحد أو تعزز من اختيارات هذه النخب.[xxix]
ويمكن إجمال العوامل المتعلقة بالنخب والفواعل السياسية التي تؤثر على إمكانية تحقيق التوافقات السياسية، في عدد من النقاط، أهمها:
أ. شرعية النخب المتفاوضة، والتي تعني إلى أي مدى تتمتع هذه النخبة بالقبول والاعتراف داخل مؤسساتها السياسية أو المجتمعية، وإلى أي مدى تتمتع هذه المؤسسات بجدارة التمثيل داخل الفئات المجتمعية التي تمثلها.
ب. القدرات الذاتية للنخب المتفاوضة، والتي تشير إلى السمات القيادية والمهارات والخبرات التي تتمتع بها هذه النخبة بما يمكنها من التفاوض بفاعلية، وتجاوز العقبات التي قد تعوق الوصول إلى تسوية.
جـ. درجة مشاركة النخب في عملية التفاوض، أي إلى مدى تشترك النخب ذات الصلة في هذه المفاوضات، فبطبيعة الحال، سيتأثر مسار التفاوض بالسلب إذا ما قرر بعض النخب المؤثرة مقاطعة هذه العملية والانشقاق عنها.
د. درجة الخلاف بين النخب المتفاوضة، فكلما كانت المقترحات والتفضيلات لهذه النخب متباعدة، كلما صعبت مهمة التوفيق بينها، والتوصل إلى تسوية.
هـ. التجارب السابقة للنخب المتفاوضة، ففي بعض الأحيان يكون فشل النخب سابقا في التفاوض وتعرضها لخسائر فادحة جرّاء ذلك حافزا لها أن تكون أكثر مرونة في التفاوضات التالية، وأكثر قبولا للحلول الوسط.[xxx]
لكن، كما ذكرنا، فإن السمات والقدرات الذاتية للنخب المتحاورة ليست هي المحدد الوحيد لإمكانية نجاح الحوار السياسي والوصول إلى توافقات، بل يحدها عددٌ من العوامل الهيكلية، التي تؤثر على مسار التفاوض بشكل كليّ، ومن أهم هذه العوامل التي ذكرتها الأدبيات الأكاديمية:
أ. طبيعة النظام السياسي: فعملية الحوار وإمكانية إحداث توافقات سياسية سواء بين السلطة الحاكمة والقوى السياسية المعارضة، أو بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، أو غير ذلك من أطراف العملية السياسية تتوقف على سمات النظام السياسي، ودرجة الحرية التي يتيحها للفواعل السياسة للتنظيم والنشاط، فإذا كان النظام السياسي قمعيا شموليا أو “سلطانيا” لا يسمح بتكون أجنحة إصلاحية داخل النظام، يمكن للقوى المجتمعية التواصل معها، ولا يسمح بوجود مؤسسات مجتمعية أو حزبية تتمتع بالحد المقبول من التنظيم والاستمرارية، يكون من الصعب نضج سياقات ملائمة لحوارات سياسية فعالة.[xxxi]
ب. الثقافة السياسية: ففاعلية الحوار السياسي تتوقف على طبيعة الثقافة السياسية السائدة، وإذا ما كان يغلب عليها فهم السياسة كعملية فرض، يهدف فيها الطرف الأقوى أن يخضع الأطراف الأخرى، ويفرض أجندته عليها، أم كعملية تشاركية، تقوم على الاستيعاب، والتنازلات المتبادلة من أجل إيجاد حلول وسط، ومن ثم يكون الحوار السياسي وأدواته ومؤسساته ممارسة مستقرة، ومكونا ثابتا من مكونات العملية السياسية.[xxxii] لذلك تضعف الممارسات الحوارية في النظم الاستبدادية ذات الطابع العسكري، إذ تنظر المؤسسة العسكرية إلى السياسة بمعناها التداولي نظرة سلبية، وتسعى إلى مصادرتها لصالح إدارة الشأن العام بانضباط عسكري.
جـ. درجة النضج المؤسسي للمجتمع المدني: فإدارة الحوارات الفعالة بين أصحاب الرؤى والمصالح المتباينة يتطلب منظمات وسيطة (مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات الحقوقية ونحوها) راسخة، بمعنى آخر، يجب أن يتمتع المجتمع بـدرجة من التنظيم، يتمثل في وجود منظمات مدنية وسياسية، تعبر عن مصالح مجموعات اجتماعية محددة، ويمكنها التفاوض والمساومة نيابة عنها. كما يجب أن تكون هذه المؤسسات ذات ثقافة داعمة للديمقراطية والتعددية، تمكنها من التدخل لتسوية النزاعات سلميا، ودعم عملية التفاوض والقيام بالوساطة بفاعلية.[xxxiii]
د. توازن القوى بين الأطراف المتفاوضة: نظريا، عندما يكون توازن القوى بين النخب المتفاوضة متقاربا نسبيًا، فمن المرجح أن تقدم هذه النخب على عمل تنازلات للوصول إلى تسوية، لأن كل طرف يدرك أنه غير قادر على إجبار الآخرين على القبول بمقترحه. لكن تشير بعض الدراسات إلى أن هذا التقارب قد يخلق حالة من عدم اليقين بشأن قوة الموقف التفاوضي للأطراف المتنافسة، وهو ما قد يشكل عقبة أمام المفاوضات لأن بعض هذه الأطراف يعتقد أنه يمكنه الحصول على صفقة أفضل لنفسه من خلال المماطلة أو رفض التنازل، وربما يلجأ إلى تصعيد الصراع من أجل تحسين موقفه التفاوضي وإحراز تقدم ملموس في مواجهة الآخرين، لذلك قد يتسبب توازن القوة التفاوضية أحيانا إلى زيادة التوتر واندلاع الصراعات.[xxxiv]
رابعا: خاتمة
خلال هذه الورقة، تم التعرض بإيجاز لأهم المعارف والديناميات المرتبطة بالحوار السياسي، وذلك من أجل أن تكون مقدمة تمهيدية للأطراف الساعية إلى تنظيم أو الانخراط في حوار سياسي، وغني عن القول إن هناك العديد من الموضوعات التي تناولتها الورقة تحتاج إلى المزيد من الإيضاح والتفصيل، لكن أهم ما أرادت الورقة أن تؤكد عليه بهذا التناول المكثف هي ثلاث نقاط أساسية:
- إن الحوار السياسي ليس حدثا طارئا أو موسميا خلال الممارسة السياسية، بل هو مسار دائمٌ – أو يجب أن يكون دائما، مسار يجب أن تترسخ ثقافته وأدواته ومؤسساته في مجتمعاتنا، حتى يستعيد المجال السياسي مدنيته وفاعليته، عوضا عن تشوهه بالاستبداد والعسكرة أو الفوضى وغياب الفاعلية.
- إن الحوار السياسي ليس ممارسة عفوية، بل هي عملية بالغة التركيب، تحتاج إلى إعداد وتخطيط، وإلى تهيئة وتدريب لأولئك المشاركين فيه، وإلى وجود خبراء ومختصين قادرين على تصميمه وإدارته، وذلك حتى يمكن ضمان احترافيته وجدواه.
- إن بناء التوافقات السياسية لا يتوقف فقط على عوامل ذاتية (تتعلق بسمات وقدرات المتحاورين) أو إجرائية (تتعلق بعملية الحوار السياسي ومدى احترافيتها)، بل تتعلق كذلك بالصورة الأكبر للمشهد السياسي وسماته الهيكلية، لذلك يجب على المتحاورين والوسطاء ألا ينشغلوا فقط بالعوامل الشخصية والسياقية، دون الالتفات إلى العوامل البنيوية التي قد تيسر أو تعيق بناء هذه التوافقات.
الحوار السياسي وبناء التوافقات
المراجع
[i] ستيفن دي تانسي، ترجمة رشا جمال، علم السياسة: الأسس، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2012، ص: 35.
[ii] Sarah Maddison et al., Democratic Dialogue: Finding the Right Model for Australia (Sydney: Indigenous Policy and Dialogue Research Unit, 2009), 1-2.
[iii] Bettye Pruitt and Philip Thomas, Democratic Dialogue: A Handbook for Practitioners (Washington DC and New York: GS/OAS, IDEA, UNDP: 2007), 48-49.
[iv] Lawrence N. Berlin and Anita Fetzer, Dialogue in Politics (Amsterdam; Philadelphia: John Benjamins Publishing, 2012), 7.
[v] المصدر السابق.
[vi] I. William Zartman, “Negotiations in Transitions: A Conceptual Framework” in Arab Spring: Negotiating in the Shadow of the Intifadat, ed. I. William Zartman (Georgia: University of Georgia Press, 2015), 4.
[vii]ماريكه بلونك، لوخشي فيمالاراجا، دليل الحوار الوطني للمُمارسين، مؤسسة بيرغهوف، برلين، 2017، ص: 26.
[viii] المصدر السابق، ص: 21.
[ix] Katia Papagianni, “National Dialogue Processes in Political Transitions; Civil Society Dialogue Network Discussion Paper No. 3”, Centre for Humanitarian Dialogue (2014): 1.
[x] Guillermo O’ Donnell and Philippe Schmitter, Transitions from Authoritarian Rule: Tentative Conclusions About Uncertain Democracies (Maryland: The Johns Hopkins University Press, 2013), 42.
[xi] Terry Lynn Karl, “Dilemmas of Democratization in Latin America”, Comparative Politics 23, 1 (1990): 11.
[xii] Gretchen Casper and Michelle M. Taylor, Negotiating Democracy: Transitions from Authoritarian Rule (Pittsburgh: University of Pittsburgh Press, 1996), 22-34.
[xiii] بريختشي كيمب، حوار الأحزاب السياسية: دليل مُيسر الحوار، IDEA، 2013، ص:33.
[xiv] المصدر السابق، ص: 47-48.
[xv] بلونك وفيمالاراجا، دليل الحوار الوطني للمُمارسين، ص: 43،61.
[xvi] Pruitt and Thomas, Democratic Dialogue, 70.
[xvii] كيمب، حوار الأحزاب السياسية، ص: 48.
[xviii] Papagianni, “National Dialogue Processes in Political Transitions”, 7.
[xix] المصدر السابق، ص: 8.
[xx] كيمب، حوار الأحزاب السياسية، ص: 48.
[xxi] المصدر السابق، ص: 54-55.
[xxii] O’ Donnell and Schmitter, Transitions from Authoritarian Rule, 45-54.
[xxiii] كيمب، حوار الأحزاب السياسية، ص: 76، 89.
[xxiv] المصدر السابق، ص: 92.
[xxv] Pruitt and Thomas, Democratic Dialogue, 121-136.
[xxvi] المصدر السابق، ص: 226-243.
[xxvii] بلونك وفيمالاراجا، دليل الحوار الوطني للمُمارسين، ص: 110-112.
[xxviii] كيمب، حوار الأحزاب السياسية، ص: 48.
[xxix] Karl, “Dilemmas of Democratization in Latin America”, 7.
[xxx] Todd Landman, Issues and Methods in Comparative Politics: An Introduction (London and New York: Routledge, 2008), 198.
Casper and Taylor, Negotiating Democracy, 48.
Michael Burton, Richard Gunther, and John Higley, “Introduction: Elite Transformations and Democratic Regimes” in Elites and Democratic Consolidation in Latin America and Southern Europe, eds. John Higley and Richard Gunther (Cambridge: Cambridge University Press, 1995), 14.
[xxxi] Juan J. Linz and Alfred Stepan, Problems of Democratic Transition and Consolidation: Southern Europe, South America, and Post-Communist Europe (Baltimore; London: Johns Hopkins University Press, 1996), 56-57.
[xxxii] Berlin and Fetzer, Dialogue in politics, 7.
[xxxiii] Michael Bratton and Nicolas Van De Walle, Democratic Experiments in Africa: Regime Transitions in Comparative Perspective (Cambridge: Cambridge University Press, 1998), 177-179.
Burton et al., “Introduction” in Elites and Democratic Consolidation in Latin America and Southern Europe, 33.
[xxxiv] Casper and Taylor, Negotiating Democracy, 233, 235.